يتنزّل الكتاب ضمن سلسلة البحوث والدراسات، التي يصدرها المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” حول المسائل العلمية والأدبية والفنون المختلفة، وقد ركّزت المؤلّفة في كتابها على ألوان الطعام، باحثة في مقاصد وجذور مفرداتها، فالطبخ وفقا لقراءتها يجمع بين الحقل المعرفي والمهارات الفنية، لذلك يمثّل مادة تاريخية-تراثية، يمكن عبرها استيعاب خصوصيات الشعوب كالأبعاد الذائقية والمشترك بين الحضارات، إذ تناولت في دراستها المختلف والموحّد بين إفريقية والشعوب الأخرى، المغاربية والمشرقية . اعتمدت الباحثة على مصادر متنوّعة، ينحدر بعضها من مؤلفات التراجم والسير،وتهتم كتب أخرى بالبحوث الطبية، إلى جانب الأعمال التاريخية والجغرافية .
ليس هذا الكتاب بحثا في الأغذية التي كانت تنتجها إفريقية وتستوردها وتعرضها في أسواقها لأهلها، فقد وصفت دراسات كثيرة اهتمت بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي وتاريخ العصور ذلك، ولا هو درس ما يؤكل وما لا يؤكل، وما يضر وما ينفع، وما يذم وما يحمد، وما يستلذ وما يكره. وليس هذا المؤلف في آداب الأكل وسننه، ولا هو في المؤاكلة وما يصبحها من إيناس وألفة. فلقد درسنا ذلك في «الطعام والشراب في التراث العربي» )2008( ولا نرى النصوص الإفريقية تقدم تصنيفات غذائية وممارسات وتمثيلات ورموزا مختلفة اختلافا كبيرا عما وجدناه في نصوص عربية أخرى. ولعلنا نؤجل إلى حين النظر في هذه الأمور من جديد. اخترنا أن يكون كتابنا هذا في ألوان الطعام، جمعنا ما أمكن من نصوصها وحاولنا أن نكشف صناعتها وأن نبحث في معاني ألفاظها، ما غرف منها وما م يعرف اليوم، مستعينين بقرائن لغوية وأخرى نصية وتاريخية ومادًة معجمية. ولقد دفعتنا إلى هذا الاختيار رغبة في دراسة الطبيخ لإيماننا بأنه معرفة ومهارة وفن، علاوة على بعده الهووي وقيمته التاريخية والتراثية. فما يهقنا هو أن نتمثل كل طعام مذكور في نض من النصوص، فنكشف معنى اسمه والأغذية المنتقاة لطبخه وطريقة طهيه وأنواعه المختلفة إن كان يلون ألوانا. فغايتنا الطبيخ معرفة تقنية تتوارثها الأجيال وصناعة ينتجها الفكر وينشئها الذوق وتنجزها النساء في أفضية حميمة والزهاد في القصور )القصر بمعنى رباط( أو في بيوتهم البسيطة، ويمتهنها الطباخون والصناع.
Titre | ISBN | Volume |
---|
Titre | ISBN | Langue |
---|