Titre | Page début | Page fin | Etat | Actions |
---|---|---|---|---|
الجزء الثالث | 5 | 182 | Published | |
الجزء الرابع | 183 | 344 | Published | |
الجزء الخامس | 345 | 346 | Published | |
تنويه | 347 | 348 | Published | |
مدخل الفهارس بالفرنسية | 349 | 356 | Published | |
مدخل الفهارس بالعربية | 357 | 364 | Published | |
الفهارس | 365 | 600 | Published | |
الأصوات العربية | 601 | 604 | Published | |
فهرس أسماء النبات باللاتينيةّ | 605 | 618 | Published | |
الفهرس العام مرتب وفق الالفبائية الفرنسية | 619 | 676 | Published | |
المصادر والمراجع | 677 | 704 | Published |
هذا الكتاب هو كنز من كنوز التّراث العربيّ-الإسلاميّ وثمرة من ثمار مدرسة القيروان الطبيّة. فقد ازدهرت تلك المدرسة بفضل ثلاثة أطبّاء: أوّلهم الطّبيب المؤسّس إسحاق بن عمران يليه الطّبيب المعلّم إسحاق بن سليمان أستاذ الطّبيب العَلَم أحمد بن الجزار. ثمّ أشعّت على الغرب بعلوم هذا الثالوث من الأطبّاء، إذ ترجم قسطنطين الإفريقي كتبهم ليطوّر تعليم الطبّ بمدرسة سالرن salerne بإيطاليا. فصارت تلك المدرسة بفضل ذلك نقطة انطلاق لانتشار تعليم الطبّ في شتّى الجامعات الغربيّة التي تأسسّت بعدها. في "الأغذية والأدوية" عرض المؤلّف عصارة علوم القدامى في مجال التغذية السّليمة والأدوية المفردة وناقشها وأضاف إليها. وكتابه يبدو سهلا مفيدا للقارئ العادي وهو كذلك نسبيّا. غير أنّه في جوهره له من الدّقة العلميّة ومن العمق ما يشدّ إليه القارئ المختصّ عندما يكتشف أبعاده العلميّة بهدي من فهارسه التي تبوح بما فيه من معلومات مفيدة ثابتة في علم التغذية nutrition وفي العلاج الطبيعيّ "القديم-المعاصر" المعروف اليوم بــالمصطلح phytothérapie. د. فاطمة الأخضر
أمّا القول في البطّيخ فينقسم قسمة جنسيّة على أربعة ضروبٍ: لأنّ منه البطّيخ الريفي وهو المعروف عند العامّة بالبطّيخ على الحقيقة. ومنه البطّيخ الفلسطينيّ المعروف بالدلاع ومنه البطّيخ الكائن بمرو المعروف بالماموني. ومنه البطّيخ الرمسي اللطيف المليّن المطرّق المعروف بالدستنبويه، والعامّة يظنونّ أنّه نوع من اللفاح. فأمّا الريفيّ فيكون على ضربَيْن: لأنّ منه المستطيل المعروف عند الأوائل بسيلانا، ومنه المستدير المعروف عند الأوائل بقلمونيا. والنوعان جميعا باردان رطبان إلّا أنّ رطوبتهما أزيد من برودتهما في وسط الدرجة الثانية، ورطوبتهما في آخرهما. والفرق بين النوعين أنّ رطوبة المستدير أغلظ وأكثر لزوجة، ولذلك طفت وعامت وتحرّكت عرضا وصار البطّيخ مستديرا. ورطوبة المستطيل أرقّ وأقرب إلى المائيّة، ولذلك سالت وهبطت وتحرّكت سفلا، وصار البطّيخ مستطيلا. وقد يُستدلّ على ذلك من عذوبة المستدير وتفاهة المستطيل، لأنّ العذوبة دالّة على الغلظ واللزوجة، والتفاهة دالّة على المائيّة والرقّة. ولذلك صار المستطيل أقلّ غائلة وأبعد من الجَلْي والتنقية، والمستدير أكثر غائلة وأقوى على الجلي والتنقية وأدرّ للبول وأخصّ بغسل الكلى والمثانة وتنقية الرمل والحصى اللطيف المتولد فيهما، وذلك لزيادة عذوبته وقوّة جلائه. وقد يُستدلّ على جلي البطّيخ في الجملة من تنقيته لسطح البدن إذا اغتسل به. وقد يعمّهما أيضا سرعة الاستحالة إلى الفساد والانتقال إلى ما صادفا في المعدة من المرّة أو من البلغم كاستحالة السمك واللبن إلى مثل ذلك للطافتهما وخفّة حركتهما وسرعة انقيادهما للانفعال. ولذلك صار البطّيخ الريفيّ في الجملة مضرّا بالمعدة مُرخيا لعصبها مفسدا لما يخالطه فيها من طعام أو غيره، وبخاصّة إذا كان ما يخالطه رطبا أو حلوا. ومن خاصّيته أنّه يُزلق الغذاء ويحدّره قبل تمام هضمه ويحدث في الأمعاء رياحا نافخة وقراقر ويهيّج الإسهال المعروف بالهيضة. فإن لم يتبعه صاحبه بما يسخّن ويلطّف ويقطع وينقّي رطوبات المعدة، هيّج القيء والغثي، ولذلك صار الأفضل ألّا يؤكل إلّا على خلاء المعدة من الطعام ونقائها من الفضول ولا يُتَناوَل بعده شيء من الطعام إلى أن يتمّ هضمه وينحدر عن المعدة بكماله. فإنّه متى فُعِل به ذلك وانهضم حسنا، جاد استمراؤه ولم يكن الخلط المتولد عنه بالرديء، وإن كان في طبيعته بلغمانيّا رطبا. وإن لم يكمل هضمه ولّد خلطا باردا مذموما سُمّيًّا وهيّج أنواع الحُمّيات الصعبة وبخاصّة فيمن كان مزاجه ممرورا بالطبع أو محرورا بالعَرَضِ. وذلك لسرعة استحالته وانتقاله إلى المرار بالطبع. وممّا يعين على هضمه ويدفع ضرره عمّن كان محرورا أن يُتناوَل بعده سكنجبينا سكّريّا أو رازيانج ومصطكى. ومن كان بلغمانيّا فيأخذ بعده سكنجبينا عسليّا أو زنجبيلا مربّى أو زنجبيلا يابسا، وزن مثقال مع كندر أو بعض الجوارشات المجفّفة مثل الكمّون وما شاكله، ويشرب بعقب ذلك شرابا صِرفا. وأمّا بزر البطّيخ وأصله فهما أقلّ برودة ورطوبة من لحم البطّيخ وشحمه. وإذا جُفّفا زالت عنهما رطوبتهما جملة، وصارا يابسين في آخر الدرجة الأولى. ومِنْ قِبَلِ ذلك صار أكثر تنقية وجلاء من لحم البطّيخ كثيرا، وصار فعل بزر البطّيخ في درور البول وتنقية الكلى والمثانة من الرمل والحصى اللطيف العَارض فيهما أقوى من فعل البطّيخ نفسه. غير أنّ فعله فيما يتولّد في الكلى أقرب وأبلغ تأثيرا مِنْ قِبَلِ أنّ الكلى لحميّة وما يتولّد فيهما من الرمل ألين وأسرع قبولا لفعل الأشياء اللطيفة الضعيفة الفعل. والمثانة فليست كذلك لأنّها عصبيّة صلبة وما يتولّد فيها من الرمل والحصى فحجري صلب. ولذلك صار لا يكاد أن يفعل فيهما إلّا ما كان فعله من الأدوية قويّا سريع التأثير. وفي قشر البطّيخ يبس به صار صالحا لجلي الآنية. وإذا استُعمِل عِوَضَ الأشنان نقّى الزهومة وذهب برائحة الفم. وزعم ديسقوريدوس أنّه قد يُؤخذ بزر البطّيخ فيُقشّر ويُدقّ ويعجن بشحم البطّيخ وشيء من دقيق الحنطة ويقرّص ويجفّف في الظلّ ويُستعمل في اللطوخات والغسولات التي تجلو أوساخ الوجه وتنقّي سطح البدن. فأمّا أصل البطّيخ فإنّه إذا جفّف وسُحق وشُرب منه وزن درهمين بشراب العسل أو بسكنجبين، هيّج القيء. وإذا عُمِل منه ضِماد بعسل، نفع من القروح المعروفة بالشهدية، فأمّا قشر البطّيخ الطريّ فإنّه إذا تُدُلّك به في الحمام، نقّى البشرة ونفع من الحصف. وإذا طُبِخَ البطّيخ الفلسطيني المعروف بالدلاع فهو أقلّ أنواع البطّيخ رطوبة وأكثرها برودة. ولذلك صار أغلظ وأبطأ استحالة وأبعد من الانقلاب إلى الفساد. ومِنْ قِبَلِ ذلك صار موافقا لمن كان في معدته حرارة أو كان محموما لأنّه بغلظه وبُعد إنضاجه، يقاوم حرارة الحمّى ويقمع حدّتها ويسكّن لهيبها. وأمّا البطّيخ الكائن بمرو المعروف بالماموني، فله حمرة في لونه وحلاوة غالبة على طعمه. ولذلك صار مفسدا للثّة مغيّرا لرائحتها لكثرة حلاوته. وإن قال قائل إنّه حارّ، لم يخطئ. وأمّا البطّيخ الرمسي المعروف بالدستنبويه فهو في طبيعته ومزاجه متوسّط بين طبيعة البطّيخ الريفي وأقلّ رطوبة وأرقّ من الدلّاع وأزيد رطوبة. ومِنْ قِبَلِ ذلك صار الكيموس المتولد عنه ليس بالمذموم ومن خاصّيته أنّ رائحته مسكّنة للحرارة جالبة للنوم. ولذلك ظنّت العامّة أنّه نوع من اللفاح. ولمّا كانت العامّة قد ظنّت به هذا الظنّ، رأينا أن نضيف إلى ذكره ذكر اللفاح ونلحقه به. القول في اللفاح أمّا شجرة اللفاح فتُعرف باليبروح. وهي شجرة منتشرة على الأرض من قبل أنّ ليس لها ساق ترفعها صُعُدا. وهي على ضربَيْن: لأنّ منها ما يعرف بالذكر، ومنها ما يعرف بالأنثى. وإنّما سُمّي الذكر منها ذكرا لأنّ أصله واحد مفرد أبيض الظاهر والباطن وورقه عريض أملس شبيه بورق السلق وليانته، ولُفَاحُه أكبر لأنّ مقداره ضعف مقدار لفاح الأنثى ولونه زعفرانيّ ورائحته طيّبة، إلّا أنّ طعمَه بشع كريه غير لذيذ. وأمّا الأنثى فإنّ لها أصلين أو ثلاثة يتّصل بعضها ببعضٍ، ويلتفّ بعضها على بعضٍ، وظاهرها يلي السواد وباطنها أبيض وورقها يُسمّى الخسّ لأنّه شبيه بورق الخسّ إلّا أنّه أصغر وأرقّ قليلا ورائحته زَهِمَة كريهة، وثمرته شبيهة بالغُبيْراء، وفى جوفها حبّ شبيه بحبّ الكُمثرى، فإذا أكلته الرعاة، عرض لهم منه سبات يسير يدلّ على أنّ البرودة القويّة على هذا النبات أغلب، كأنّ برودته في الدرجة الثالثة إلّا أنّ فيه مع البرودة رطوبة يسيرة. ومن خاصّيته أنّه إذا أُكِل أو اشتُمّ، عرض لصاحبه منه سبات وكذلك يعرض من عُصارته. فإنْ أكثر منه أو من عصارته، أحدث العلّة المعروفة بالسكتة. وأمّا حبّه الموجود في جوف لُفاحه فإنّه إذا شُرِب، نقّى الأرحام. وإذا خُلِطَ بكبريت لم تمسّه النار واحتملته المرأة، قطع نزف الدم عنها. وقد يُتّخذ من اللفاح شراب يُنَتَفُع به في دفع السهر، وتسكين الآلام، وإبطال حسّ من احتاج أن يكوى بالنار أو يُقطَعَ منه عضو من أعضائه حتّى لا يحسّ بالألم ولا يشعر بما يُفعَلُ به. واستخراج عصارة هذا اللفاح يكون بأن يُدقّ ويُعصر ويصير ما يخرج من عصارته في الشمس حتّى يثخَنَ ويُصيَّرُ في إناءٍ من غَضَارٍ ويُخزن، وقال ديوسقوريدس: في إناءٍ من خزف. وأمّا لحاء أصل شجرة اللفاح فقويّ البرد والتجفيف جدّا، والأصل المستبطن للحاء أضعف فعلا من اللحاء. وقد يُستخرج من اللحاء إذا كان رطبا عُصارة. كما تُستَخْرَجُ من ثمرة اللفاح فيكون فعلها كما وصفنا من فعل عصارة الثمرة وأقوى كثيرا. ومن خاصّية هذا الدواء، أنّ من شرب منه مقدار ستّة قراريط، قيّأه بلغما ومرارا وفعل فيه فعل الخربق إذا شُرب، فإنّ أكثر منه قتل. وقد يدخل في هذا الدواء في الفرزجات المليّنة للبطن. وإذا عُمِل منه وحده فتيلة واستعملت من أسفل، جلبت النوم. وإذا تحمّلت المرأة منه مقدار قيراط ونصف، أدرّ الطمث وأخرج الأجنّة. وقد يؤخذ لحاء أصل هذا النبات ويُشدّ في خيط ويجفّف في الظلّ، ويُستعمل عند الحاجة إليه. ومن الناس من يأخذ أصل هذه الشجرة فيطبخه بشراب حتّى يذهب منه الثلث ويُصفّى ويُرفَع ويُستعمل عند الحاجة إليه، فينفع من السهر ويسكّن الآلام ويخدّر حسّ من كان محتاجا إلى أن يُكوى بالنار حتّى لا يحسّ بالألم. وإذا أُخذ أصل هذه الشجرة مدقوقا وعُجن بعسل أو بزيت، نفع من لسع الهوامّ. وإذا خُلط بسُويق وعُجن بماء، سكّن أوجاع المفاصل. وزعم ديوسقوريدس أنّه إذا عُجن بماء وعُمل منه ضِماد، حلّل الخنازير. قال واضع هذا الكتاب: وأمّا أنا، فلم أقف على السبب الذي له صار أصل اليبروح يفعل هذا الفعل، وهو على ما هو عليه من البُرودة وإخدار الحسّ. وقد يُستخرج من هذا الأصل دمعه، فيفعل قريبا من فعل هذه العُصارة، إلّا أنّ فعل هذه العصارة أقوى. والوجه في استخراج هذه الدمعة أن تثقب في أصل هذه الشجرة ثقبا واسعا مستديرا، كأنّه قُوّر تقويرا، ثُمّ تجمع ما يسيل منه من الرطوبة ويصير في الشمس حتّى يثخن. وأمّا ورق هذه الشجرة فإنّه إذا أُخِذَ طريّا ودُقّ وخُلِط بسُويْق وعُجن بماءٍ وعُمل منه ضِماد، نفع من الأورام الحارّة العارضة للعين. وقد يُجفّف هذا الورق ويُدَقّ ويُستعمل كما يُستعمل الطريّ، إلّا أنّ فعله يكون أضعف. ورأيت قوما من الصيادلة يسمّون أصل هذه الشجرة اللعبة ويستعملونه في تسمين النساء، لأنّهم كانوا يأخذونه ويطبخونه بالماء طبخا جيّدا ويصفّونه ويسلقونه في خابية الحنطة، ويعلفون تلك الحنطة الدجاج حتّى يصير في غاية من الشحم ثمّ يُطعمون الدجاج للنساء المهازيل، فيكسبن بذلك شحما يجاوز مقدار الوصف، ورأيت كثيرا ممنّ كان يستعمل هذا، يعرض له تلهّب شديد وشرى حتّى أنّي كثيرا ما كنت أرى جلودهم تنْفَطِرُ. وزعم ديوسقوريدس عن قوم كانوا يقولون إنّ من اليبروح نوعًا ثالثا ينبت في المغاور والمواضع الظليلة ويذكرون أنّ له ورقا يشبه ورق اليبروح المعروف بالذكر، إلّا أنّه أصغر قليلا وورقه قليل الخضرة نابت حول الأصل، لأنّ ليس له ساق مرتفعة من الأرض، وأصله أبيض، طوله في الأرض أكثر من شبر، وغلظه كغلظ الإبهام. وكانوا يزعمون أنّ أصل هذا النبات إذا أكل بالخبز أو بالسويق أو ببعض الطبائخ، أحدث سُباتًا من غير أن تتغيرّ حال المرء التي كان عليها قبل أن يشربه، ولا يحدث إلّا بطلان الحسّ فقط. ويقيم بتلك الحال ثلاث ساعات أو أربع. في القثّاء أمّا أصل القثّاء فيقتضي نوعين: أحدهما القثّاء الريفي، والآخر البرّي. فأمّا الريفي فبارد رطب في الدرجة الثانية وجِرمه غليظ مكتنز بعيد الانهضام بطيء الانحلال والانحدار عن المعدة مُؤذٍ لها ومضرّ بعصبها لإتعابه لها بغلظه، ومفجّج لِمَا يُوافيه فيها من الغذاء بقوّة بردِه وصلابة جِرمه. ولهذه الأسباب صار مُقصِّرا عن منفعة الفواكه الموافقة للمعدة، وإن كان إضراره بالمعدة دون إضرار البطّيخ كثيرا، مِنْ قِبَلِ أنّ إضراره بالمعدة إنّما هو لإتعابه لها بغِلظ جِرمه واكتنازه وبعد انهضامه. وإضرار البطّيخ بها لإرخائه لعصبها وإفساده لها بفضل رطوبته. ولذلك صار القثّاء لا يهيّج من القيء والغثي ولا يولّد من الرياح والنفخ والقراقر ما يولّد البطّيخ في درور البول وإطلاق البطن وتوليد الدم المحمود لأنّ الدم المتولد عن البطّيخ ألطف وأقلّ غلظا وأقرب إلى البلغم الغليظ الشبيه بالزجاجي. وللفاضل أبقراط فيهما قول قال فيه: إِنّ القثّاء أغلظ من البطّيخ وأثقل وأعسر انهضاما وأبعد من درور البول وإطلاق البطن. والبطّيخ أرقّ وأخفّ وأسرع انهضاما وأدرّ للبول وأطلق للبطن من القثّاء إلّا أنّه أكثر رياحا ونفخا وقراقر. وزعم ديوسقوريدس في القثّاء أنّ رائحته تنفع من الغثي، وأنّ جوهره أبعد من الاستحالة إلى الفساد وأنفع للمعدة ولأوجاع المثانة. قال إسحاق: وأحسب أنّ ديوسقوريدس إنّما نسبه إلى ذلك بإضافته إلى البطّيخ، وإلّا فإتعابه للمعدة وإضراره بعصبها أوضح من أن ينكتم أو يستتر. ويدلّ على ذلك طول لبث طعمه ورائحته في الحشا، وبعد انقطاعها منه. أمّا حبّ القثّاء فإنّه إذا جفّف صار يابسا في وسط الدرجة الأولى. وكان ذلك زائدا في جلائه وغسله للكلى والمثانة ودرور البول. ولذلك صار إذا شُرِبَ مع ألبان النساء، نفع من قروح المثانة ونقّاها. وأمّا ورق القثّاء فإنّه إذا عُمل منه ضِماد مع عقيد العنب المعروف بالميبختج، نفع من عضّة الكلبِ الكَلِبِ. وإذا اغتُسِل به، نفع من الشرى. وأمّا أصل القثّاء فإنّه إذا شرب منه وزن مثقال بماء العسل، هيّج القيء وقيّأ مرّة صفراء. ومن أراد أن يتقيّأ به بعد الطعام، فليكتف منه بوزن ستّة قراريط. في القثّاء البرّي المعروف بقثّاء الحمار أمّا القثّاء البرّي فخارج عن طبيعة ما يُتَغذَّى به أصلاً، لأنّه من طبيعة الأدوية الجبلية القويّة ومن آياته أنّه يقطّع الكيموسات ويجلو المعدة. وإذا شُرِب من عُصارة أصله مقدارُ خمسة قراريط، أسهل بلغما ومرّة سوداء من غير أن يضرّ ببدن الشارب، وبخاصّة إذا كان به استسقاء. ولذلك إذا شُرِب من لحاء أصله وزن قيراطين مسحوقا، فعل مثل ذلك ونفع من الاستسقاء. وإذا أُخِذَ أصلُه وسُحِق وأُلقيَ عليه شراب مصريّ ويُرفع أيّاما وأُسْقِيَ منه أصحاب الاستسقاء ثلاث بواطي في كلّ ثلاثة أيّام مرّة، انتفعوا به جدّا، وبخاصّة إذا أَلزموا أنفسَهم إلى أن يَضْمُرَ الورم ضمورا قويّا. وعصارة القثّاء نفسه أقوى من عصارة الورق والأصل جميعا. وذكر ديوسقوريدس دواء يعمل من عصارة هذا القثّاء يُعرف «بالأطيريون» ويُستعمل عند الحاجة إلى القيء والإسهال. والشربة التامة منه ثلاثة قراريط ونصف، يكون ربع درهم. وأمّا الصبيان فلا يُعطَوْنَ منه إلّا اليسير، لأنّ الكثير منه يقتلهم. وصفة هذا الدواء هو أن يُؤخذ القثاء وهو طريّ حين يندى من موضعه وينزل ليلة واحدة، ثمّ تُؤخذ إجانة ويقلب عليها منخل وينصب على المنخل سكّين حادّ ويكون قفا السكّين إلى المنخل وجانبها الحادّ إلى فوق. ويُؤخذ واحدة واحدة من القثّاء، وتمرّ بها على فم السكّين حتّى ينقطع بنصفين ويُعصَرُ ما فيها من الرطوبة على المنخل عصرا جيّدا، ويُعزل مع الثفل ثُمّ يُلْقَى على ما اجتمع من الثفل ماء عذب. ومن الناس من يجعل ماء البحر. ويغسل جيّدا ويُعصر ويصفّى بمنخل على الماء الأوّل المستخرج من القثّاء ويحرّك الجميع حتّى يختلط ويغطّى بثوب حتّى يرسب غلظه وثفله ويعوم رقيقه ومائيته. ثمّ تُنحّى مائيته عنه، فإن بقي منه شيء يعوم على وجه غليظه وثفله، تنشّفه بصوفة البحر المعروفة بإسفنج البحر، وأهل الحجاز يسمّونه الغيم ثمّ يُلقَى غليظه وثفله في صلاية من حجر ويُسحَق عليه كلّ يوم دائما حتّى يمكن تقريصُه ويُقرصّ ويجفّف في الظلّ. فما كان له كدورة وخشونة ورزانة، كان رديئا مذموما غير محمود. وأجوده ما كان قليل الخضرة مائلا إلى البياض قليلا، شبيها بلون العنبر، ويكون مع ذلك أملس خفيفا مفرط المرار. وإذا أُدنِيَ من السراج، كان سهل الاحتراق. وما عَتُق منه وجاوز السنتين إلى العشرة، كان أقوى، لِـمَن أراد استعماله للقيء والإسهال. والشربة منه ثلاثة قراريط ونصف، يكون ربع درهم. وأمّا الصبيان فلا يُعْطَوْنَ منه إلّا اليسير، لأنّ الكثير منه يقتلهم. ومن خاصّية هذه العصارة إخراج الفضول البلغمانيّة والسوداء بالإسهال والقيء جميعا. والإسهال منها نافع من رداءة التنفّس. فمن أراد استعمالها لإحدار البطن، فيخلط مع الشربة منها من الملح ضعفها، ومن الأثمد مقدار ما يغيّر لونها تغييرا صالحا، ويعمل منه حبًّا على مثال الكرسنة، ويشربه بماء حارّ. ومن أراد استعمالها للقيء، فيدفّها بماء ويلطّخها على المواضع التي تلي اللسان والحنك بريشة. فإن كان القيء يَعْسُر على صاحبها، فيخلطها بزيت أو بدهن سوسن ويلطّخها على المواضع التي تلي اللسان والحنك، ولا ينام عليها. فإن أشرف القيء على صاحبها، فيشرب شرابا ممزوجا بزيت، فإن سكّن القيء وإلّا فيشرب سُويق شعير بماء باردٍ أو بماء ممزوج بخلٍّ ويتناول من الفاكهة ما يقوّي المعدة. ومن فعل هذه العصارة أيضا فـإنّه إذا استعط بها مع اللبن، نفعت من اليرقان الأسود. وإذا تحنكّ بها مع زيت عتيق أو عسل أو مع مرارة ثور، نفعت من الخُناق منفعة قويّة. وإذا تحمّلتها المرأة، أدرّت الطمث وطرحت الأجنّة. ومن الناس من يغشّ الرديء من هذه العصارة بعصارة القثّاء الريفيّ وشيء من النشاستج ليشابهها بالعصارة الخالصة في بياضها وخفّتها. وأمّا أصل هذا النبات وأغصانه، فإنّها إذا طُبِخت وتُمُضْمِضَ بمائها، نفعت من وجع الأسنان العارِض من الرطوبة والرياح الغليظة. وإذا استعملت يابسة مسحوقة، نقّت البهق والأوساخ العارِضة في الوجه والآثار السود العارضة من اندمال القروح ونفعت من القوابي والجرب المتقرّح. في الخيار وأمّا الخيار، فهو أبرد وأغلظ وأثقل من القثّاء الريفي لأنّ برودته في آخر الدرجة الثانية، وبرودة القثّاء في وسطها. ولذلك صار الخيار أشدّ تطفئة وتبريدا. ومن قبل ذلك صار فعله في توليد البلغم الغليظ والإضرار بعصب المعدة وتفجّج الغذاء أكثر من فعل القثاء، لأنّه أثقل وأبعد انهضاما وأكثر إتعابا للمعدة. وإذا عسر انهضامه وبعدت استحالته، تولّد عَنْهُ الخلط الغليظ البارد السميّ، لأنّ سائر الفواكه إذا عسر انهضامها وبعدت استحالتها، تعفّنت وولّدت خلطا رديئا مذموما شبيها بكيفيّة الأدوية المسمومة. وأسبقها إلى ذلك وأخصّها به الخيار، لأنّه أعسر انهضاما بالطبع. والمختار منه ما كان جسمه صغيرا وحبّه رقيقا غزيرا متكافئا. وأفضل ما يؤكل منه لبّه فقط لأنّه أسرع انهضاما وأسهل انحدارا. في القرع وأمّا القرع فبارد رطب في الدرجة الثانية، يغذو غذاء بلغمانيّا. ولذلك صار محمودا لمن كان مزاجه حارّا، ومذموما لمن كان مزاجه باردا. إلّا أنّ صلاحه لمن كان مزاجه صفراويّا أكثر لمن كان مزاجه دمويّا. مِنْ قِبَلِ أنّ رطوبته تُولّد بلّة في المعدة بها يرطّب المزاج ويقطع العطش. وعلى هذا الوزن والقياس يكون إضراره بمن كان مزاجه بلغمانيّا أكثر من إضراره بمن كان مزاجه سوداويّا. والأفضل لمن كان مزاجه محرورا وبخاصّة من كان دمويّا، أن يطبخوه مع السفرجل ويطيّبوه بماء الرمان المزّ وماء الحصرم وماء حماض الأترجّ ودهن اللوز أو الزيت الأنفاق. ومن كان مزاجه باردًا فالأفضل أن يسلقه بالماء والملح، ويَرْمِي مَاءَه ويستعمله بالخردل والفلفل والسذاب والكرفس والنعناع لأنّ استعماله بمثل هذه الأبازير الحارّة يفيده قوّة تولّد الخلط الحارّ المسكّن. واستعماله بالسفرجل وماء الحصرم وماء الرمّان الحامض وحمّاض الأترجّ يفيده قوّة على تسكين الحرارة والالتهاب وتقوية المعدة. ومن منافعه على سبيل الدواء، أنّه إذا لُطِّخَ بعجين وشُوي في الفرن أو في التنّور، واستُخرِج ماؤه وشُرِب ببعض الأشربة المطفئة، سكّن حرارة الحُمّى الملتهبة وقطع العطش، وغذّى غذاءً حسنا. وإذا شُرب بخيار شنبر وترنجبين وبنفسج مربّى، أحدر صفراء محضة. وإذا طُبِخ القرع بجملته وشُرب ماؤه بشيء من عسل وشيء من نطرون، أحدر بلغما ومرّة معًا. وإذا أُخِذَ ودُقّ وعُمل منه ضِماد على يافوخِ الصبيان، نفع من الأورام الحارّة العارِضة في أدمغتهم، لأنّه يسكّن لهيبها ويقمع حدّتها. وإذا عصرت جُرادته وخُلِطَ ماؤها بدهن ورد وقُطِّر منه في الأذن، نفعت الأورام الحارّة التي فيها. وإذا استُعِطَ بمائه مع دهن الورد، نفع من أوجاع الفم واللسان المتولدة من حرارة. ومن خاصّيته الإضرار بأصحاب علل القولنج لأنّه لقلّة إزلاقه وتليينه للثفل، يطفو في أعلى البطن ويستحيل بسرعة ويفعل فعل حسو الشعير في أصحاب القولنج من الفساد.
Titre | ISBN | Volume |
---|
Titre | ISBN | Langue |
---|